كم أحببتُ شريعتك

كم أحببتُ شريعتك

 لقد تمثـَّل المبدأ الأساسي لناموس الله (الوصايا العشر) في حياة السيد المسيح. فقد أظهرت حياته محبته لله وطاعته لإرادته والامتثال لمشيئته، كما أنها كانت ومازالت مثالاً لعلاقة الإنسان بأخيه الإنسان في كل العصور والأجيال.
 
إنَّ الروح القدس يعمل في قلوبنا ليشعرنا بالخطية وبحاجتنا الماسَّة للخلاص من خلال قبولنا تضحية السيد المسيح من أجلنا. أما ثمر إيماننا بنيلنا الخلاص فهو تطبيق شريعة الله التي هي برهان عن حبِّنا لله وأخينا الإنسان.
 
 ينظر الكثير من المسيحيين اليوم إلى الناموس (الوصايا العشر) وكأنه مصدرٌ للدينونة والعقاب، مما يقود بالتالي إلى كُره الناموس والانحراف عنه. لقد نسينا أو لنقل بأننا نحاول أن نـُنسي أنفسنا أهمية حُبّ الناموس التي تحدَّث عنها النبي داود عندما تغنـَّى في مزمور 119 قائلاً: "كم أحببتُ شريعتك، إنها موضوع تأملي طول النهار." بالرغم من أن هذا المزمور هو أطول أصحاح في الكتاب المقدس، إلا أنه لا يتحدَّث عن محبة الله أو حتى قداسته، بل هو مُكرَّس للحديث عن السرور والفرح الناتجين من معرفة ناموس الله وشريعته.
 
 يبدأ الأصحاح 20 من سفر الخروج، الذي يحتوى على كلمات الوصايا العشر، بهذه الكلمات:
 
"ثم تكلـَّم الله بجميع هذه الكلمات قائلاً. أنا الرب إلهك الذي أخرجك من أرض مصر، من بيت العبودية". غالباً ما نـُهمل هذه المُقدِّمة الجميلة التي تهيئ الجو لقراءة ناموس الله. فالهدف من هذا الناموس ليس طاعة سيِّد مستبد، إذ أن الله نفسه قدِّم لنا السبب الذي مِن أجله يطلب منا أن نحفظ الناموس، ألا وهو التـَّحرُّر مِن العبودية.
 
 بينما كنت أتأمل بهذا الموضوع، لفتت انتباهي ثلاثة أمور تشير إلى أهمية ناموس الله (الوصايا العشر)، وأحب أن أشاركها معك:
 
1.    الطاعة هي عرفان بالجميل وشكرٌ لله من أجل إنقاذه وخلاصه لنا. إن الناموس يرمز إلى عهد بين الله وشعبه. ونلاحظ أيضاً بأن السيد المسيح يُذكِّر تلاميذه (في العهد الجديد) بأن طاعة ناموس الله ترتبط ارتباطًا وثيقًا بحبنا له، فقد قال بكل وضوح: "إن كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي" (إنجيل يوحنا 14: 5).
 
2.    إنَّ التأمل في كلمة الله يساعدنا على الطاعة. إن التأمل في وصايا الله وتعاليمه يأتي قبل الطاعة. فالتأمل في كلمة الله يُزيد من استيعابنا للوصايا، كما أن الله نفسه وعدنا بأنه سيُساعدنا على أن نحفظ الناموس ونسلك في طريقه.
 
3.    الناموس يؤمِّن الحماية. إن الناموس يُعلن مدى عمق الخطيئة. فبدون الناموس، ما كان لنا أن نعرف أننا ساقطون في الخطية ومبتعدون عن الطريق المستقيم والامتثال لمشيئة الله. لقد كُتِبَ الناموس من أجل خيرنا، فهو يحفظ كرامة البشر وحقوقهم وعلاقاتهم بعضهم ببعض، وحتى ممتلكاتهم. وهكذا نجد أن الناموس ليس حاجزًا يحرمنا من السعادة ويحدُّ مِن حريتنا، بل هو سور يحمينا من الانزلاق في شرور هذا العالم الفاسد.
 
 كمؤمنين، علينا ألا نركـِّز على الصعوبات في طاعة ناموس الله. وبدلاً من أن ننظر إليه كعبء، علينا أن نفرح بحفظه ونعيش وفقاً له، إذ أنه يرمز إلى عتق الله لنا من عبودية الخطيئة. فلنتغنى إذاً ونفرح بناموس الله ونحبه لأنه كلام الله لنا.
 

نحبّ أن نسمع منك، فأسئلتك وتعليقاتك هي دائماً موضوع اهتمامنا!