صلاة يعبيص

"ليتك تُباركني، وتوسِّع تخومي، وتكونُ يدُك معي، وتحفظني من الشَّرّ حتّى لا يُتعبُني"(1أخبار الأيّام 4: 10). 
 
في بعض الأحيان يوجد الكثير من الشخصيات في الكتاب المقدس والتي نعتقد أنها ليست مهمة ولا ندرس عنها ونتأمل في الأشياء التي فعلوها أو الكلمات التي نطقوا بها فقط لأن الكتاب المقدس لا يذكر عنها الكثير، فلو كانت هذه الشخصيات غير مهمّة لما ذُكِرَت في الكتاب المقدس ولو حتى بكلمة. ونحن دائماً ما نركّز على الشخصيات التي لها دور كبير أو إصحاحات كاملة مكتوبة عنها مثل النبي موسى وإبراهيم ويوسف...وغيرهم. من بين تلك الشخصيات التي لا نسمع عنها "يعبيص"، فمع أنّ الكتاب المقدس ذكر لنا عددَين فقط عنه إلا أنه مِن الشخصيات التي يمكن أن نتعلّم منها الكثير وتكون قدوة لنا. يذكر لنا الكتاب المقدس أنّ اسم يعبيص يعني "حزين" فأمّه سمّته بذلك الاسم لأنّه وُلِدَ بحزن "وسمَّتهُ أمُّهُ يعبيص قائلَة: «لأنّي ولدتهُ بحُزنٍ"(1أخبار الأيّام 4: 9).
 
فربّما يكون وُلِدَ في ظروف مُحزنة أو مجاعة أو مشاكل عائلية... ولكن برغم حزن يعبيص إلا أنه اتجه إلى الله لكي يطلب البركة منه وصلى هذه الصلاة الرائعة "ليتك تُباركني، وتوسِّع تخومي، وتكونُ يدُك معي، وتحفظني من الشَّرّ حتّى لا يُتعبُني"(1أخبار الأيّام 4: 10). فهذه الصلاة جعلتنا نعرف أكثر عن يعبيص وشخصيته، إذ نرى قمّة التواضع في تقدّمه لله في ضعف كامل وأيضاً نرى طموحه بطلب التخوم الواسعة والسلام والأمان، وأيضاً نجد أنّ هذه الصلاة نابعة مِن قلب ضارع وصارخ لله في انكسار ولجاجة، مما يشير إلى أنّه كان جادّاً فيما يطلبه. أيضاً يقول الكتاب: "وكان يعبيص أشرَفَ مِن إخوته" (1 أخبار الأيّام 4: 9). فهنا نجد أن الشرف الحقيقي ليس بالنسب لأب معين أو بالغنى والصيت والجاه، ولكن بالإيمان بالله وطاعته ورضاه. 
 
ليت كلّ شخص منّا يصلّي مثل صلاة يعبيص الرجل الحزين الذي لا يذكر الكتاب الكثير عنه ولا حتى عن ذريّته، فنجد أن الإنسان الحزين إذا طلب بركة الله سينال البركة والخير والفرح من الله، مثلما فعل يعبيض: "فآتاهُ اللهُ بما سَأل" فلننظر إلى يعبيص لأنه يمثل كلّ إنسان متعب وحزين يختار أن يكون له النصيب الصالح في الله، وهكذا يتحوّل حزنه إلى فرح وفشله إلى بركة ونجاح.
 

نحبّ أن نسمع منك، فأسئلتك وتعليقاتك هي دائماً موضوع اهتمامنا!