إذا كُنتَ مُدخناً، فمَن هو عدوُّك؟ على مَن تـُعلن الحرب، وكيف تخطط لها ومتى تبدأ؟

 
تخبرنا أغلب مراكز مكافحة التدخين بل وتؤكد لنا مِن خلال إحصاءاتها ودراساتها بأن أكثر من 70% من الأشخاص المدخنين يحاولون التوقف عن التدخين إلا أنهم يفشلون عند محاولتهم الأولى... فهل تعلم عزيزي ما هو السبب؟
 
إنَّ السبب في ذلك يعود إلى مادة النيكوتين التي أدمنت عليها خلايا جسم المُدخِّن. ولكن بالرغم من هذا، هناك أمل، بل أمل كبير للشفاء من هذا النوع من الإدمان، فلا تتردد بل تابع القراءة.
 
إنَّ أغلب الأشخاص الذين يتخذون الخطوة للإقلاع عن التدخين يمرون بمرحلة صعبة ومزعجة ألا وهي مرحلة انسحاب النيكوتين أو تطهير الجسم من هذه المادة السَّامَّة. فالنيكوتين هو عدوُّك. وعليك أن تعلم عزيزي بأنَّ هذه المرحلة – أي مرحلة انسحاب النيكوتين من الجسم، قد تستمر بضعة أيام فقط أو بضعة أسابيع. غالباً ما تتـَّسم هذه الفترة بمُعاناة المُدخِّن من آثار انسحاب مادة النيكوتين من جسمه، وقد يُعاني مِن الأعراض التالية: الاكتئاب، القلق، الغضب، الأرق، الشعور بالدوار (الدوخة)، الصداع، التعب، زيادة الشهية وأحياناً زيادة الوزن. وبما أنك أصبحت على عِلم بطبيعة هذه الأعراض، فلا داعي للاستغراب إذا عانيت منها عند توقفك عن التدخين، بل عليك الاستعداد والتخطيط المُسبق للتصدّي لها ومواجهتها قبل البدء بإقلاعك عن التدخين لتكون مستعداً ومتأهباً لما سيواجههك ولا تنهزم في حربك هذه.
 
والآن، قبل أن تبدأ حربك ضد النيكوتين، عليك أن تعرف ما هي فوائد توقفك وامتناعك عن التدخين، فهذه المعلومات ستكون بمثابة طوق النجاة الذي ستلجأ إليه في الأوقات التي ستواجه فيها أمواج الرغبة للعودة إلى السيجارة والدخان. يؤكـِّد أغلب الأشخاص الذين نجحوا في الامتناع عن التدخين بأنـَّهم كانوا مُصمِّمين على التوقف عن التدخين، إلا أن هذا التصميم لم يأتِ بمحظ الصدفة، بل كان ناتجاً عن وضعهم لفوائد قصيرة وطويلة الأمد سيحصلون عليها نتيجة توقفهم عن التدخين. هذه الخطوة هي بمثابة الاستعداد والتأهُّب لحربك ضد النيكوتين. إن تذكـُّر هذه الفوائد بين الحين والآخر والتركيز عليها باستمرار في سعيك وتصميمك للتوقف عن التدخين سيساعدك للبقاء إيجابياً وسيبقيك مستعداً نفسياً لكل ما ستواجهه في طريق التغلب على إدمان جسمك على مادة النيكوتين. أبقِ عزيزي هذه الفوائد في متناول يديك دائماً لتتمكن من الرجوع إليها في أي مكان وفي أي وقت تشعر فيه بالضعف أو الرغبة بالرجوع إلى تدخين سيجارة.
 
إليك بعض الفوائد التي ستحصل عليها نتيجة توقفك عن التدخين (يمكنك إضافة المزيد من الفوائد إلى هذه القائمة، فوائد تمس حياتك أنت شخصياً وستشعرك بالرضا):
· إنخفاض مخاطر تعرضك للإصابة بأمراض السرطان، وأمراض الرئة، والنوبات القلبية، والسكتات الدماغية، ومشاكل في الإبصار
·  إنخفاض نسبة الإصابة بالإجهاض عند النساء وانخفاض نسبة ولادة أطفال معاقين أو يعانون من انخفاض الوزن عن الولادة
· عمراً أطول بإذن الله
· رائحة نـَفَس أفضل وأسناناً أكثر بياضاً
· زوال اصفرار اللون من الأصابع والأظافر
· قدرة أفضل بل طبيعية لحاستي الشم والذوق
· قدرة على التنفس بصورة أفضل
· توفير المال
· لن تكون مصدر خطر وتهديد لحياة الآخرين نتيجة تعريضك لهم للدخان
· ستـُلاقي قبولاً أكبر من أرباب العمل والزملاء والأصدقاء وأغلب المحيطين بك
 
والآن، بعد تحديد العدو ومعرفته، والاستعداد لمواجهته وتأمين ملجأ للجوء إليه في وقت الضعف، عليك أن تضع الخطة المناسبة للانتصار على النيكوتين، فالخطة المدروسة والمنظمة ستساعدك في تحقيق هدفك هذا والإقلاع نهائياً عن التدخين. ولوضع خطة، عليك:
 
أولاً، اختر يوماً محدداً للتوقف عن التدخين! نعم عزيزي. هناك إسلوبان لعمل ذلك، المجموعة الأولى من المدخنين يُقررون وضع يوم محدد للامتناع عن التدخين، ويستمرون في التدخين إلى ذلك التاريخ بالتحديد ثم يتوقفون كلياً ومرة واحدة عن تدخين السجائر في ذلك التاريخ. المجموعة الثانية يفضلون تقليل عدد السجائر التي يدخنونها في اليوم الواحد وبصورة تدريجية إلى أن يصلوا إلى اليوم المحدد للامتناع كلياً عن التدخين. (الاختيار يعود لك)
 
ثانياً، أخبـِر أفراد عائلتك وأصدقاءك بأنك ستتوقف عن التدخين في تاريخ معين. فهذه المعلومة وهذا الخبر سيساعدك أنت عزيزي على محاسبة نفسك وسيُمكـِّن أحباءك أيضاً من مساعدتك ومساندتك للاستمرار في قرارك الصائب هذا.
 
ثالثاً، تخلـَّص من كل السجائر التي بحوزتك، وتخلص أيضاً من كل الأدوات الأخرى التي تستعملها أثناء التدخين، مثل منفضة السجائر، والولاعات وأي شيء آخر.


رابعاً، قم بتنظيف غرفتك والمكان الذي تدخن فيه عادة للتخلص من رائحة الدخان.يمكنك وضع عطر عبق ولطيف في البيت أو الغرفة لتغيير الرائحة.


خامساً، راقب نفسك واعرف متى ستشتاق إلى تدخين سيجارة... قد يكون هذا الوقت بعد تناولك وجبة الطعام، أو مع فنجان الشاي أو القهوة، أو عند وجودك مع صديق معين، أو وقت قراءتك الجريدة. إذا كان هذا هو حالك، حاول أن تجد بديلاً آخر ليلهيك عن تفكيرك في السيجارة في هذه الأثناء واشغل نفسك بعيداً عن هذه الأفكار والرغبة.


سادساً، لا تقع في فخ مساومة نفسك على تدخين سيجارة واحدة فقط أو أخذ نـَفـَس واحد... غالباً ما تـُعدّ هذه الخطوة البسيطة فخاً كبيراً لكل ما يحاول أن يُقلع عن التدخين. لا تخضغ لإغراء مادة النيكوتين فهي عدوُّتك وستغدر بك متى تملـَّكت منك. قوِّي من عزيمتك وإرادتك وامتنع كلياً عن أخذ حتى نـَفـَس واحد من سيجارة! بدلاً من ذلك، ركـِّز على أهدافك وفوائد امتناعك عن التدخين.


سابعاً، كافيء نفسك في كل يوم يصل إلى نهايته بعون الله بدون تدخين. لن أطلب منك شراء هدايا فاخرة أو أن تعمل أشياء قد تكلفك أكثر من كلفة السجائر التي امتنعت عنها، ولكن لنقل أنك ستضع في علبة خاصة ثمن كل سيجارة لم تدخنها. فإذا كنت تدخن 13سيجارة في اليوم، ستضع ما يعادل ثمنها في ذلك اليوم. ويمكنك أن تشتري شيئاً بسيطاً في كل يوم لتكافيء نفسك أو أن تجمع المبلغ لتشتري شيئاً أفضل في نهاية الأسبوع. لا تضحك أو تستهن عزيزي بمبدأ مكافأة النفس، فهذا من أفضل أساليب التربية وأكثرها نجاحاً وإثماراً. وأنت تستحق المُكافأة بكل تأكيد وبجدارة.


إن الامتناع عن التدخين قد يتطلب منك تغيير نمط حياتك، فلا تـَخَف مِن هذا الأمر، بل رَحِّب به لأنه سيكون أفضل لصحتك وحياتك ومستقبلك ولجميع مَن حولك. ما التدخين إلا عادة ضارة تملـَّكت منك بسبب مادة النيكوتين التي هي من المواد التي يُدمن عليها الجسم شأنها شأن أية مادة إدمانية أخرى. إلا أن النيكوتين هو مِن المواد المُصرَّح بها بهيئتها في السجائر مع أن ضررها لا يقل عن ضرر أي مادة إدمانية أخرى... بل هي - وكما يؤكد الكثير من الأخصائيين والباحثين، أكثر المواد الإدمانية التي تؤدِّي إلى الموت. 


لا تنس عزيزي بأنَّ عدوك هو مادة تسلب خلايا جسمك إرادتها وقد اعتاد جسمك استهلاكها، فلا تستسلم لمطالبها بل واجهها من خلال الاستعداد والتخطيط والمُراوغة من خلال إلهاء وشغل نفسك بأمور أخرى تبعد تفكيرك عن السيجارة ورغبتك عن التدخين. وأفضل طريقة للمراوغة في حربك هذه – حسب شهادة محاربين انتصروا في حربهم ضد النيكوتين هي:
· تناول عدَّة وجبات خفيفة أثناء اليوم – خاصة عند شعورك برغبة في تدخين سيجارة. ولكن احرص أن تكون هذه الوجبات قليلة الدسم وخالية من السكريات
·       اشرب الكثير من الماء
·       اشرب العصائر الطبيعية (لا تـُكثِر إذا كنت مصاباً بالسكري)
·       تناول حصصا أكثر من الفواكه والخضار بهيأتها الطازجة
·       امضغ علكة خالية من السكر ومفيدة للأسنان
·       مارس رياضة المشي فهي مفيدة جداً في إيقاف الرغبة في التدخين، كما أنها تقلل من التوتر والضغوط، وتساعد في المحافظة على وزن الجسم
·       الجأ إلى صديق مخلص يؤمن بقدرتك في التغلب على التدخين ويريدك أن تنتصر في حربك  هذه من خلال دعمك ومُساندتك. لا تنسَ أننا بجانبك أيضاً إذا احتجت مساعدتنا وتشجيعنا ومرافقتك في دربك للانتصار على النيكوتين إلى الأبد.
 
إن هدفنا من هذه المقالة عزيزي هو أن تتوقف عن إيذاء نفسك وتبدأ حياة جديدة وأفضل. وبالرغم من أنك قد تضطر بالفعل إلى التخلي عن بعض الأمور التي كنت تحبها قبلاً ومتعلقاً بها، كشرب القهوة أو المشروبات الكحولية أو حتى زيارة بعض الأماكن وبعض الأشخاص المدخنين، فلا تتأسـَّف على ما ستمتنع عنه بل فكـِّر بكل ما ستحصل عليه بالمقابل... لن تخسر شيئاً ذا قيمة، بس ستربح نفسك وحياتك.


صدقني عزيزي، بإمكانك إعلان الحرب على النيكوتين وهزيمته إلى الأبد.
أنت صاحب القرار، وما النيكوتين إلا مادة سامة أسَرَتْ جسدك وأتعبتك.
أنت صاحب الموقف، والنصر سيكون من حليفك إذا قررت خوض الحرب.
بإمكانك الآن التوقف عن التدخين إذا أردت... فافعل ذلك وأنقذ نفسك ولا تتردد لحظة واحدة...  
 
 
 

نحبّ أن نسمع منك، فأسئلتك وتعليقاتك هي دائماً موضوع اهتمامنا!